توجيهات للاباء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أبان للعباد منهج التربية القويمة في قرآنه الحكيم؛ و أوضح للعالمين مبادئ الخير و الهدى و الإصلاح في أحكام شرعه الحنيف.
والصلاة و السلام على سيدنا محمد الذي بعثه الله للإنسانية مؤدبا و مربيا , و أنزل عليه تشريعا يحقق للبشرية أسمى آيات عزها و مجدها , و على آله و أصحابه الطيبين الأطهار, اللذين أعطوا الأجيال المتعاقبة نماذج فريدة في تربية الأبناء و تكويـن الأمم , و على من نهج نهجهم واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد :
لما طلب مني إعداد مداخلة بمناسبة الاحتفال الخاص بزاوية البيض, تبادر إلى ذهني مباشرة موعد هذا الاحتفال الذي يأتي قبيل الدخول المدرسي, هذا الحدث الاجتماعي الكبير الذي يمس كل أسر المجتمع تقريبا.
وكان التوفيق أن أختار موضوعا يرتبط بهذا الحدث, فعملت على جمع بعض التوجيهات لأولياء أمور التلاميذ في بداية الموسم الدراسي. والتي كثيرا ما يغفل عنها الآباء وتدخل في صميم مسؤولياتهم .
يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:"إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع..." رواه ابن حبان
و الولد منحة ربانية قد استرعاك الله عليه ولا شك هو سائلك, هل أديت واجباتك في العناية والرعاية والتربية أم ضيعتها .

أخي الوالد صحح النية في أن ما تقوم به تجاه ابنك أو ابنتك هو
لله وحده , وحينئذ تنقلب العادة إلى عبادة, فتقبل على أداء هذا الواجب في رضا ويقين بأن ما تقوم به لن يضيع .
*أولا: اعلم أن المظهر عنوان للمخبر وأن اللباس يوحي بشخصية اللابس وقناعاته.
وما تشتريه لابنك يلبسه وما تشتريه لابنتك تلبسه....., فاحرص أخي الولي على أن لا يكون لباس ابنك أو ابنتك نسخة طبق الأصل لما صممته دور اللباس الغربي, هذه الدور التي تروج سلعها في أوساطنا لتمسخ هويتنا وانتماءنا الإسلامي.
وخاصة لباس البنات الذي يجب أن يكون محتشما.
والأمر نفسه يقال على الألبسة الرياضية.
كما يحذر الأولياء والطلاب من شراء الدفاتر والحقائب وسائر الأدوات التي عليها صور, سواء كانت صور الحيوانات أو غيرها.
وعلينا أن نحتاط عند شرائنا للأحذية الخاصة بالرياضة (ففي السوق كثير من تلك الأحذية الرخيصة والضارة ,والتي تؤثر على عضلات وعظام القدمين,مما يؤدي إلى تشوهات وضرر في القدمين والساقين)
*ثانيا: ضرورة التواصل بين البيت والمدرسة
من واجبات ولي أمر الطالب أو الطالبة أن يكون متابعا باستمرار لأحوال أولاده , بزيارة المدرسة والسؤال عن أحوالهم مباشرة مع الأساتذة أو على الأقل الاتصال بالمستشار التربوي أو المدير وذلك للاطمئنان على سيرهم في الدراسة أو متابعة ما قد يطرأ من سلوكيات غير مرغوبة, حتى تعالج في وقت مبكر قبل أن تستفحل. ومما يؤسف له أن بعض أولياء الأمور يهمل الاتصال بالمدرسة ويعتبر أن مهمته انتهت بمجرد اقتناء الحاجيات المادية للدراسة, ولا ينتبه إلا على فضيحة أو فشل دراسي أو نحو ذلك. وعندها يلقي اللوم على الآخرين وهو السبب في ذلك أصلا.
وبهذه المناسبة أحب أن ألفت أنظار الأخوة الآباء أنه إذا حصل تغير مفاجئ في مستوى الطالب أو نفسيته فلا تستعجل بإنزال العقوبة به, بل عليك أن تتريث وتبحث عن السبب الذي أدى إلى هذه الحال. فقد تكون هناك ظروف نفسية أو اجتماعية أو صحية, وعلاجها يتطلب صبرا وتفهما و تعاونا مع أطراف عدة من المعنيين بالطالب.
* ثالثا: استمع إلى شكوى ولدك أو ابنتك وحاول أن تسعى في حلها, ولا تتسرع في اتهام المعلمين والأساتذة بناء على ما تسمع من أولادك. فبعض ما يقولون هو مجرد أوهام أو رغبة في الانتقام. كما لاتهمل تلك الشكوى فقد تكون صحيحة وتؤثر على الولد إذا لم تحل.
*رابعا: حال الطالب بعد المدرسة :
اعلم هداك الله أن ثلاثة أضعاف الوقت الذي يقضيه الطالب في المدرسة يقضيها بين البيت والشارع تحت مسؤوليتك المباشرة وهذا يوجب متابعة ومراقبة ابنك في كل هذا الوقت المقدر بـ 18 سـاعة بين اليوم والليلة.
أخي, قد تكون مشغولا في الفترة الصباحية وأنت معذور, ولكن ما عذرك في المساء عندما تترك أبناءك لوحدهم أو مع غيرك ممن لهم الأثر السلبي عليهم, كالقنوات الفضائية ورفاق السوء والفراغ القاتل. فبعض الأبناء والبنات يقع فريسة سهلة للشيطان وأعوانه- وما أكثرهم في وقتنا هذا- والأب والأم آخر من يعلم بحال أبنائهم, فكم من الآباء من يقضي كل جهده ووقته ولا يعود للبيت إلا للأكل والنوم, ناسيا مدى حاجة أولاده إلى عطفه وحنانه بقدر ما هم بحاجة إلى اللقمة التي يوفرها لهم.
وأن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسمية ان لم تكن اكثر اهمية.
ومن جملة الإجراءات العملية في متابعة الأبناء نذكر :
درب ابنك على الاعتماد على نفسه في المراجعة وحل الواجبات في المنزل من أول يوم ولا تأخذك العاطفة والشفقة فتحلها عوضا عنه, فهذا يحطم شخصيته وينمي فيه الاتكالية وعدم الاعتماد على النفس مستقبلا.
كما يلاحظ شيوع ظاهرة الدروس الخصوصية, فالأصل أن ما يقدم في المدرسة كاف, ولكن إذا اضطر الواحد إلى مدرس خصوصي فعليه أن يختار الرجل الصالح ولتنظم هذه الدروس على شكل جماعي حتى لا تحدث الخلوة وحتى تضمن دراسة جادة وهذا خاصة بالنسبة للبنات.
حاول أن يكون لك دور في جمعية أولياء التلاميذ وحاول تفعيل دورها, فإن اللوائح التنظيمية المدرسية تعطيها صلاحيات كثيرة في المساهمة في تسيير المؤسسة التربوية.
وأخيرا وليس آخرا اعمل على أن توفر الجو المناسب للدراسة والتفوق وذلك بنشر الحب والطمأنينة والراحة في البيت ....؛ والقدوة المثلى التي تستمد نورها من سيرة سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .
فبقدر العطاء الذي نقدمه كآباء وأمهات والجهد الذي نبذله والعزيمة التي نطلقها, والمسؤولية التي نستشعرها يتحقق الصلاح لأبنائنا والتربية المثلى لأجيالنا والخير لأمتنا.
وكما نحرص على تفوق أبنائنا الدراسي, فلا ننسى تفوقهم في طاعة الله تعالى فهي أولى وأهم بل هي رأس الأمر كله.
أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم وأسأله أن يدخلنا في عباده الصالحين ويتقبل عملنا خالصا لوجهه الكريم, وأن يعيننا على القيام بواجب تربية النشئ وإعداده للنهوض بهذه الأمة. إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير .



الفقير إلى الله: محمد
]